كشف وزير العدل الجزائري الطيب لوح أن “وزارة العدل الجزائرية … قد انتهت من إعداد مشروع قانون يتعلق بمحاربة الجريمة الإلكترونية والتصدي لها” بعد ارتفاع معدل الجريمة الالكترونية “التي أصبح لها أثر سلبي على استقرار المواطنين والمجتمع ومن ثمة البلاد ككل”.
ووجه وزير العدل الطيب لوح دعوته للنيابة العامة الجزائرية ومصالح الضبطية القضائية إلى “تطبيق القانون والقيام بدورها كاملا في التصدي لمختلف الجرائم والانحرافات الاجتماعية والمساس بالقيم بكل أصنافها واعتبر أن الجرائم التي ترتكب في الفضاء الالكتروني تستوجب تحرك الدعوة العمومية تلقائيا وبصفة آلية “من أجل حماية المواطنين
ومن الإجراءات الأخرى التي ستعتمدها وزارة العدل الجزائرية هي تكوين قضاة مختصين في مجال محاربة الجريمة الإلكترونية من خلال الاعتماد على خبراء جزائريين وأجانب أيضا.
إعداد مشروع قانون يتعلق بمحاربة الجريمة الالكترونية بهدف التصدي لها سينظم مجال الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي، والتي في بعض الأحيان تعرف انفلاتا يصل حدود التعدي على المعطيات الشخصية للأفراد إلي جانب بث المعلومات الخاطئة والكاذبة. لكن مطالبة وزير العدل تحريك الدعوة العمومية حالا وبصفة آلية وحتى قبل وضع القانون ودخوله حيز التنفيذ يمنح صلاحيات كبرى للسلطة دون أن يضبط تعريف مفهوم الجريمة الالكترونية ويحدد الإجراءات وآليات التدخل والأفعال التي تصنّف ضمن طائلة الجرائم، كما لم يحدد العقوبات المنجرّة عما ستكيفه الدعوى العمومية جريمة إلكترونية حيث لا تجريم ولا عقاب إلا بنصّ قانوني.
وحسب وزارة العدل يدخل في طائلة الجرائم الالكترونية التي تستوجب تحرك الدعوى العمومية حالات “المساس بشرف الناس وحياتهم الخاصة لا سيما بواسطة الوسائل الإعلامية ووسائط التواصل الاجتماعي التي بدأت تتخذ منحنيات متزايدة لا يخفى أثرها على المواطنين وعلى قيم المجتمع وعلى سلامة نسيجه المتماسك”. حسب تصريح وزير العدل. و تعد المصطلحات والأفعال الموجبة لتحرك الدعوى العمومية غير دقيقة وتمنح القضاء صلاحيات كبرى إلى جانب التأويل الذي قد يوظف للحدّ من حرية التعبير والصحافة
تأتي الإجراءات التي أعلن عنها وزير العدل الجزائري الطيب لوح في الوقت التي تشهد فيها حرية الصحافة والتعبير في الجزائر تهديدا كبيرا من خلال محاولات الحدّ منها مع ارتفاع عدد الإيقافات الصحفيين بسبب مقالاتهم المعارضة او حتى النقدية لقيادات الدولة.
آخر هذه الإيقافات كانت إسماعيل جربال أحد رؤساء تحرير المجموعة الإعلامية الجزائرية الخاصة “النهار” رغم انها معروفة بموالاتها للنظام. ففي 09 تشرين الأول/أكتوبر2018 اعتقل هذا الصحفي من طرف “ضباط استخبارات” أمام مقر القناة حسب التسجيلات والصور التي بثتها القناة صباح يوم الثلاثاء 9 أكتوبر/ تشرين 2018.
توقيف الصحفي إسماعيل جربال رئيس تحرير موقع النهار الناطق بالفرنسية Alg24.net، والذي ينتمي لمجمع النهار الذي يضم أيضا قناة وصحيفة يومية وموقع “النهار أون لاين”.
يعود الإيقاف حسب رواية القناة إلى نشر الصحفي مقالا يقارن فيه بين رئيس المخابرات السابق (جهاز الاستخبارات التابع لرئاسة الجمهورية الجزائرية) الجنرال توفيق، وبين الرئيس الحالي بشير طرطاق، بشأن أزمة البرلمان، وكان المقال تحت عنوان “أين ذهبت مصالح الاستعلامات” حيث لاحظ الصحفي أنه خلال فترة الجنرال توفيق، كانت دائرة الاستعلام والأمن تقوم بالوساطة في مثل هذه الصراعات، ونقل شهادات لنواب تساءلوا أين هي مصالح بشير طرطاق..
حسب الصور التي بثّتها النهار الجزائرية لكاميرا المراقبة الخاصة بالقناة تظهر أشخاصا “يوقفون رجلا ويقتادونه نحو سيارة قبل الانطلاق بسرعة فائقة”. وبعد ساعات نشرت القناة في شريط الأخبار العاجلة أن “المخابرات هي من اعتقلت الصحفي إسماعيل جربال وذلك بسبب مقال أزعج مدير المخابرات الذي طلب حذفه” وأكدت القناة أنّ الصحفي تعرض لتهديدات قبل إيقافه.
وبثت القناة أيضا مكالمة هاتفية بين مالك القناة أنيس رحماني ومدير مركز التحريات المركزية التابع لمديرية الاستعلام بالجزائر، تسجيل المكالمة التي تمت على الأرجح قبل ليلة من إيقاف الصحفي، حول التقرير الذي كتبه الصحفي إسماعيل جربال وطالب مدير مركز التحريات بحذفه وهو ما ردّ عليه أنيس رحماني بالرفض.
رغم ان إيقاف رئيس تحرير النهار لم يدم طويلا حيث أطلق سراحه بأمر من النيابة بعد سعات قليلة إلا أن هذا الحدث إلى جانب مطالبة تحرك الدعوى العمومية بصفة تلقائية في ما وصفته الجريمة الإلكترونية أعاد طرح مسالة حرية التعبير في الجزائر علما وانها تحتل المرتبة 136 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة بتراجع مرتبتين عن سنة 2017 وذلك حسب التقرير السنوي الذي نشرته منظمة مراسلون بلا حدود لسنة 2018.
ويمثل ترتيب الجزائر المتأخر ضمن المناطق التي توصف فيها وضعية حرية الصحافة بالأسوأ مع توسيع دائرة الخطوط الحمراء الممنوعة من التداول الإعلامي فيها والمتمثلة في مواضيع الفساد أو صحة الرئيس والأمن القومي،) وحسب المؤشرات الحالية لوضع الإعلام الجزائري من المتوقع أنّ تتأخر الجزائر مراتب أخرى في تصنيف حرية التعبير الذي سيصدر عن مراسلون بلا حدود في العام القادم.
وسوم: الحزائر • الصحافة الالكترونية • رقابة