في اليوم العالمي لحرية الصحافة، منظمات تونسية تدين تراجع الحريات

4 May، 2018 • آخر المقالاتالصحافة المتخصصة • المحرر(ة)

يعيش الصحفيون والهيئات الدستورية المعنية بالاتصال السمعي والبصري ومكونات المجتمع المدني المهتمة بحرية الصحافة والتعبير خاصة في مناخ ”تسوده الهشاشة والضبابية ومحاولات هيمنة السلطة على مكتسبات الحرية“. هذا ما خلصت إليه الندوة التي أقيمت يوم 4 ماي الجاري وسط العاصمة تونس بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة تحت عنوان ”توازن القوى: الإعلام والعدالة وسيادة القانون“، والتي كانت مؤثثة بحضور النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري والمفوضية السامية لحقوق الإنسان وجمعية القضاة التونسيين ومنظمات المجتمع المدني الناشطة في مجال الدفاع عن حرية التعبير وحرية الصحافة والإعلام في تونس.

تطابقت وجهات النظر بشكل كامل في ما يخص تشخيص حالة الحريات في تونس وخاصة حرية الصحافة والإعلام، وهذا ما بدا واضحا في مداخلات ممثلي الهيئات المذكورة. وقد بدأ نقيب الصحفيين التونسيين ناجي البغوري في الحديث عن واقع حرية الصحافة ”المهدد“ في تونس منطلقا من التقرير السنوي لواقع الحريات الصحفية في تونس ماي 2018 والذي أعّدته النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وتم تقديمه يوم 3 ماي الجاري بمقرها. وأشار النقيب إلى أن أهم معالم تهديد حرية الصحافة اليوم في تونس هو تعطيل العمل بقانون النفاذ إلى المعلومة، والذي اعتبره المدخل الحقيقي والفعلي لصحافة ناقدة وقوية وذات جودة ”تبحث عن الشفافية والاستقلالية ومكافحة الفساد والحوكمة الرشيدة“. كما أكد أن التوجه السياسي العام للإئتلاف الحاكم اليوم هو توجه نحو ”السيطرة على الفضاء العام من خلال السيطرة على وسائل الإعلام“ وذلك عبر الذهاب إلى تشريع قوانين تساهم في تضييق الحريات الصحفية.

لم تبتعد مداخلة رئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري النوري اللجمي عن فحوى كلمة نقيب الصحفيين، فقد أشار اللجمي إلى أن ”المعركة اليوم تتمثل في تأكيد سلطة الهيئة واسترجاع صلاحياتها من مشاريع القوانين التي تطرحها الحكومة اليوم ممثلة في وزارة العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان“. وأكد النوري اللجمي أن ”ما تقوم به الحكومة اليوم من تجزئة للقوانين المتعلقة بالاتصال السمعي البصري وقانون الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري وقانون الإعلام السمعي البصري يعد استهدافا واضحا لاستقلالية الهيئة واستقلالية الإعلام معا“ وعبر اللجمي من خلال كلمته على رفض الهيئة لهذه التجزئة التي ”ترمي إلى استحواذ السلطة على مجال الإعلام للتحكم فيه لصالح أغراض حزبية وشخصية“. وذكر اللجمي أن بعض رموز السلطة اليوم تسعى إلى تشويه الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري وتروج لصورة مخيفة ومغلوطة عنها.

هيئة النفاذ إلى المعلومة معنية دائما بمسألة حرية الصحافة والإعلام والحريات العامة بشكل إجمالي، ويعتبر الحق في النفاذ إلى المعلومة اليوم أهم الحقوق التي تؤشر على مدى احترام مبادئ استقلالية وحرية العمل الصحفي من عدمه. هذا ما أشار إليه ممثل الهيئة عماد الحزقي الذي أكد أن حرية الصحافة والنفاذ إلى المعلومة شيئان متلازمان ولا يمكن الفصل بينهما، معرجا إلى أن لتونس نص قانوني جيد من الناحية النظرية للنفاذ إلى المعلومة لكن التطبيق بعيد جدا عن روح النص القانوني.

وأكد الحزقي أن الحكومة الحالية قد “غيبت هيئة النفاذ إلى المعلومة عند النظر في مشاريع القوانين المتعلقة بهذا الحق الذي تم التنصيص عليه صراحة في الدستور”، مشيرا إلى أن “العديد من المؤسسات اليوم لا تميز بين الحق في النفاذ إلى المعلومة وحماية المعطيات الشخصية”. وفسر الحزقي هذا الإشكال قائلا إن مسألة حماية المعطيات الشخصية تستعملها السلطة اليوم كي تحد من الاستفادة من حق النفاذ إلى المعلومة نظرا إلى أن 90 في المئة من الوثائق الإدارية اليوم تحتوي على معلومات شخصية “وهذا لن يمكّن الصحفيين أو المواطنين من متابعة الصفقات العمومية واستغلال الضرائب وغيرها من الأمور العامة”. كما أكد الحزقي أن الانتخابات البلدية اليوم تعد فرصة هامة لمزيد العمل على كسب نقاط في ما يخص النفاذ إلى المعلومة “خاصة وأن الشأن المحلي يعد قريبا جدا من المواطن ولهذا المواطن الحق في مساءلة السلطة البلدية ومعرفة كيفية التصرف في أمواله”. ولم يفت ممثل هيئة النفاذ إلى المعلومة الإشارة إلى الإشكال الواقع بين هيئته وهيئة حماية المعطيات الشخصية التي قال عنها ناجي البغوري في تعقيبه أنها “هيئة للجوسسة والمراقبة والضغط على المواطنين والصحفيين”.

عرّج المتدخلون كافة على مسألة التعديل والتعديل الذاتي، والتي قال عنها النوري اللجمي أن جزءا هاما منها خاضع لسلطة الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري وهي الهيئة التي من خلالها يتم الدفاع عن الحريات عبر حماية الإعلام من الهيمنة المالية والسياسية، وأيضا من خلال الحكمة في توزيع رخص البث وأيضا حماية حقوق المترشحين والناخبين في اختيار حر وواعي من خلال التوزيع العادل للمداخلات الإعلامية للمرشحين. أما عن التعديل الذاتي فقد أكد نقيب الصحفيين أن مجلس الصحافة ومواثيق الشرف المهنية تعد البوابتان الرئيسيتان بالنسبة لأي تعديل ذاتي يقوم به الصحفي مع احترام حريته وموضوعية الخبر والحياد.

وسوم:

Send this to a friend