تتنافس شركات قيس نسب المشاهدة للبرامج التلفزية التونسية خلال شهر رمضان في تقديم أرقام نسب أكثر القنوات مشاهدة وأكثر البرامج متابعة.
لكن ومثل كل سنة يحدث قياس نسب المشاهدة الكثير من الجدل في الأوساط الإعلامية خاصة وأنّه يوجد في تونس عدد قليل من المكاتب المختصّة في سبر الآراء المتعلقة بنسب المشاهدة والاستماع ومن بينها “سيغما للاستشارة” و”ميدياسكان” وتعتبر النسب الصادرة عن هذه المكاتب هي من يحدد نصيب كل قناة من سوق الإعلانات التجارية إذ أنّ الإشارة إلى ضعف نسب المشاهدة في قناة ما أو في إذاعة ما من شأنه أن يؤثر على قرار المستشهرين و المعلنين بشأن توجيه الإعلانات إلى مؤسسة إعلامية دون غيرها.
ورغم أن هذا الجدل ليس حديث العهد في التلفزات التونسية إلا أن هذا الموسم الرمضاني يعتبر الأشّد إذ وصل الأمر بعدد من القنوات الخاصة إلى التشكيك والطعن في صحة هذه النتائج واتهام مكاتب الدراسات بعدم الموضوعية والحرفية إلى جانب أنّ هامش الخطأ في التحقيقات الميدانية التي تجريها المكاتب مرتفع جدا.
لم يتوقف الجدل حول نسب المشاهدة عند التشكيك في هامش الخطأ بل وصل حدّ اتهام هذه المكاتب بأنها تخدم طرفاً معيناً من خلال ما تنشره من أرقام للدفع بقناة واحدة إلى المراتب الأولى (قناة الحوار التونسي) حتى تستحوذ على النصيب الأكبر من سوق الإعلانات التجارية، واعتبر أصحاب القنوات الأخرى أنّ نشر هذه النسب الغير الدقيقة تسبب في خسائر لبعض القنوات من خلال تراجع الإعلانات التجارية فيها.
ومع تواصل هذا الجدل خاصة وانّ قطاع سبر الآراء وقيس نسب المشاهدة في تونس أصبح أمام اختبار المصداقية، أصدرت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري بتاريخ 12 جوان 2017 قرارها المتعلّق بضبط المعايير ذات الطابع القانوني والتقني لقياس عدد المتابعين لبرامج منشآت الاتصال السمعي والبصري.
ويمنع هذا القرار مكاتب سبر الآراء وقياس نسب الاستماع والمشاهدة “نشر نتائجها إلا بعد موافقة القناة التلفزيونية أو المحطة الإذاعية التي تمّ البحث في نسب متابعتها”. وتعتبر الهيئة أنّ هذا القرار من شأنه أن يخفف من حدة تبادل الاتهامات بين الأطراف أصحاب المصلحة من منتجين وأصحاب قنوات تلفزيونية، اللذين اعتبروا أن هناك تلاعب بنسب المشاهدة وهو ما تسبّب في تضرر مصالح قنواتهم بعد تراجع عائداتها المالية من الإعلانات التجارية. ونتيجة هذا التراجع الكبير للموارد المالية لذلك تمّ إيقاف عدد من البرامج (على غرار نشرة أخبار قناة التاسعة ) ويهدّد بتسريح عدد من الصحفيين.
ويضمّ القرار والصادر عن الهايكا والمتعلق بتنظيم عملية قياس نسب الاستماع والمشاهدة خمسة فصول أهمّها:
- يمنع على مكاتب الدراسات التي تقوم بقياس نسب الاستماع والمشاهدة أو طالبي الخدمة نشر نسب نتائج الاستماع والمشاهدة للمنشآت السمعية والبصرية وبثها بأي شكل من الأشكال إلا بإذن مكتوب من المنشآت المعنية بالنتائج المشار إليها.
- تلتزم مكاتب الدراسات المختصة في قياس نسب الاستماع والمشاهدة بنشر جميع المعطيات المتعلقة بالعيّنة المعتمدة وتمثيليتها وطرق وتفاصيل استجوابها، ومنهجية تحليل النتائج المستخلصة على موقعها الإلكتروني وعلى كل المحامل التابعة لها المعدّة للنشر، وذلك في ظرف 24 ساعة من تاريخ نشر نتائج القياس كما تلتزم بالمحافظة عليها ووضعها على ذمة العموم عند الطلب ومد الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري بها عند الاقتضاء.
- يستمّر العمل بهذا القرار إلى حين إرساء هيكل مستقل يعنى بتنظيم قطاع قياس الجمهور وذلك من خلال تكليف طرف وحيد مختص يعمل وفق المعايير المعمول بها دوليا ويكون ممثلا لجميع المتدخلين في القطاع، خاصة المنشآت الإعلامية السمعية والبصرية والمعلنين.
وفي انتظار إرساء هذا الهيكل يعنى بتنظيم يتواصل الصراع بين القنوات التلفزية الخاصة ومؤسسات سبر الآراء والذي أصبح مرشّحا لأن يطرح أمام القضاء كما أنّ إحدى القنوات المتضرّرة أعلنت نيتها إنتاج تحقيق استقصائي حول التجاوزات والاخلالات التي ترتكبها مؤسسات سبر الآراء.
حقوق الصورة @radionationale
وسوم: البرامج التلفزية • تونس • سبر الآراء • مكاتب الدراسات • نسب المشاهدة