تقوم وسائل الإعلام بدور ملموس في الإصلاح السياسي؛ حيث تعمل على تهيئة المناخ لنجاح عملية التحول الديمقراطي من خلال توحيد العمل السياسي، وإشاعة الحوار الديمقراطي، والتأكيد على صيانة الحريات والحقوق، وتكريس قيم الديمقراطية، وتوسيع المشاركة السياسية، وتعقب كافة صور الانحراف والفساد، وتدريب المواطنين على مهارات المناقشة والمشاركة، وتكوين الصورة الذهنية الملائمة تجاه النظم السياسي .فالعلاقة بين التواصل والسياسة علاقة جدلية، ومن الصعب تصور العملية السياسية بدون عملية تواصلية موازية لها أو قائمة بصلبها، والواقع أن العلاقة بين طرفي المعادلة هي علاقة جدلية، تختلف دائرة التأثير بينهما باختلاف الأنظمة السياسية السائدة، فالنظامان أي (التواصل والسياسة)، كلاهما يتأثر بالآخر ويؤثر فيه.وهو ما سعينا إلى تأكيده عبر كتابنا ” الإعلام والمشاركة السياسية للشباب: مصر وتونس نموذجا”.
ومع انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، ولا سيما موقع الفايسبوك، تزايد إدراك الباحثين والناشطين السياسيين لأهمية توظيف الشبكات الاجتماعية في الحياة السياسية وتعبئة الرأي العام. وظهر ذلك جلياً في الثورة التونسية والثورة المصرية، فالشبكات الاجتماعية والإنترنت كوسيلة اتصال حديثة عظمت من الإمكانيات التي يمكن استخدامها لتحقيق الأهداف المرجوة للجماعات والأحزاب السياسية والمنظمات وجماعات المصالح المختلفة، فقد أصبح الإنترنت بصفة عامة والشبكات الاجتماعية بصفة خاصة، المخرَجين الرئيسيين للحد من احتكار النظم الحاكمة للمعلومات، ونشر الوعي السياسي لدى المواطنين، وتدعيم دور المشاركة السياسية، بالإضافة إلى استخدامها كوسيلة لنشر الثقافة السياسية، وتوعية الجمهور وزيادة اهتمامه بالشؤن السياسية، مما يزيد من المشاركة النشطة للأفراد كخطوة أولى للتنمية السياسية
ويسعى هذا الكتاب للتعرف على طبيعة العلاقة بين التعرض للفضائيات الإخبارية العربية ومواقع التواصل الاجتماعي من جهة، ومستويات المشاركة السياسية لدى الشباب العربي من جهة ثانية.
وينقسم كتابنا إلى خمسة فصول:
- **الشباب والمشاركة السياسية
- ا**لشباب العربي والمشاركة السياسية
- **المجال العام ووسائل الإعلام
- **واقع الإعلام في مصر وتونس نموذجا
- **واقع المشاركة السياسية للشباب في مصر وتونس
وقد تم رصد عدة مؤشرات فيما يتعلق بقضايا المشاركة السياسية للشباب في مصر وتونس وطبيعة معالجتها من خلال دراسة تحليلية خلال الفترة من 15 نوفمبر 2017 حتى 15 فبراير2018 قمنا بهالعدّة برامج حوارية وهي: برنامج “75 دقيقة”( القناة الوطنية التونسية) وبرنامج “يحدث في تونس”( قناة حنبعل ) وبرنامج من “القاهرة” ( النيل للأخبار ) وبرنامج “المواجهة” ( اكسترا نيوز ). كما قمنا بدراسة عينة من المنشورات فيصفحتي الفايسبوك لـ”الموقف المصري” المصرية، وصفحة “أنا يقظ ” التونسية، من 15 نوفمبر 2017 حتى 15 فبراير 2018.
وهذه أهمّ النتائج التي تم التوصل إليها :
- **ارتفاع نسبة التناول البرامجي لقضايا المشاركة السياسية في تونس مقارنة بالبرامج التليفزيونية المصرية، حيث ركز برنامج “75 دقيقة” على قضايا المشاركة السياسية في تونس بنسبة مرتفعة بلغت 40.7% من إجمالي حلقات البرنامج خلال فترة التحليل، في الوقت الذي لم يتم فيه تناول قضايا المشاركة السياسية في برنامج “من القاهرة” بنسبة الـ 8% من إجمالي حلقاته خلال فترة التحليل.
- ** 56 % من برامج عينة الدراسة تسمح بمشاركة الجمهور خلال فقراتها المختلفة، بينما نجد أن 44% من إجمالي برامج العينة لا يشارك بها جمهور.
- ** أبرز أشكال مساهمة الجمهور في موضوع حلقات البرامج –محل التحليل– هو المشاركة (عبر السوشيال ميديا) بنسبة 50%، يليها (المشاركة بالحضور) في الأستديو بنسبة 32.3%، يليها الاتصال عبر الرسائل القصيرة بنسبة 17.7%.
- ** أكثر الضيوف مشاركة في البرامج – محل الدراسة – كان (المسئول الحكومي)، يليه (البرلماني) ثم (الحزبي) يليه (الخبير والمتخصص) وتتقارب النسبة للضيوف (الإعلاميين) و(الأكاديميين) بينما تنخفض نسبة من يمثل (المجتمع المدني)، وتتساوى مع ممثلي (السلطة القضائية)، ويأتي (المواطن العادي) في المرتبة الأخيرة من حيث المشاركة
- ** أكثر سبب لأهمية المشاركة السياسية في حلقات البرامج كان (المطالبة بمزيد من الإصلاحات)، ويمكن تفسير ذلك أنه بالرغم مما تحقق في أعقاب الثورتين المصرية والتونسية إلا أنّ طريق الإصلاح مازال طويلا على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وهذا ما يفسر ارتفاع هذه النسبة، ففي أغلبية الحلقات – محل التحليل- كان المطلب الرئيس للمشاركين الرغبة في مزيد من الإصلاحات على كافة المستويات، والتأكيد على الإصلاحات التشريعية والقانونية والتي هي البداية لأي إصلاح، فيما يتعلق بقوانين الأحزاب، وتنظيم الممارسة السياسية، والانتخابات وغيرها
- ** أكثر أساليب الإقناع المستخدمة في برامج الدراسة في عرض قضايا المشاركة السياسية هو (الأسلوب المنطقي)، يليه في المرتبة الثانية (المزج بين الأسلوب المنطقي والعاطفي) وفي المرتبة الأخيرة (الأسلوب العاطفي) وتشير النتائج التفصيلية إلى ارتفاع نسبة استخدام الأسلوب المنطقي في البرنامجين التونسيين عن البرنامجين المصريين.
- ** جاءت التوعية بمجالات المشاركة السياسية في مقدمة الأدوار التي يمكن أن تقوم بها وسائل الإعلام في دفع مسيرة المشاركة السياسية
- ** تعتبر (الحكومة) أكثر الأطراف التي يقع على عاتقها تطوير المشاركة السياسية كما عكستها حلقات البرامج محل التحليل ويليها في المرتبة الثانية (مجلس النواب) وفي المرتبة الثالثة (الجمور العامّ) وفي المرتبة الرابعة تأتي (الأحزاب) و(المجتمع المدني) بنفس النسبة وفي المرتبة الخامسة (الإعلام)، وفي المرتبة الأخيرة (مؤسسة الرئاسة)
- ** غالبية المنشورات خلال فترة التحليل، لها صلة بقضايا المشاركة السياسية، وتزيد نسبة المنشورات التي لها صلة بالمشاركة السياسية في صفحة (أنا يقظ) التونسية مقارنة بصفحة (الموقف المصري)
- ** أن غالبية المنشورات – محل التحليل– هدفها معلوماتي، وترتفع نسبة الهدف المعلوماتي في صفحة الموقف المصري مقارنة بصفحة أنا يقظ أما فيما يتعلق بالهدف التوجيهي (الدعوة للمشاركة السياسية) فترتفع النسبة في صفحة أنا يقظ مقارنة بصفحة الموقف المصري
- ** أكثر محور ارتكزت عليه المنشورات – محل التحليل– كان محور (الحدث) يليه في المرتبة الثانية محور (القضية)، وفي المرتبة الأخيرة محور (الشخصية). وقد لوحظ تركيز صفحة الموقف المصري على محور الشخصية، وإبراز الأخبار الخاصة بالشخصيات المعارضة للنظام السياسي
- ** أكثر مصدر لقضايا المشاركة السياسية في المنشورات – محل التحليل – كان (مسؤول الصفحة)، يليه في المرتبة الثانية (وسائل إعلامية)، وفي المرتبة الثالثة من المصادر الخاصة بقضايا المشاركة السياسية محل النقاش كان (مواقع الإنترنت)
- ** جاءت قضية ( دعما لمجتمعك المدني ) في مقدمة قضايا المشاركة السياسية التي تم طرحها يليها (الكشف عن الفساد)، ثم تأتي قضية (الانتخابات الرئاسية)، يليها (مراقبة الأداء الحكومي) و(تقييم أداء رئيس الدولة) و(الانتخابات البلدية)، ثم جاءت (قضية حرية الرأي والتعبير) بن، يليها قضية (تفعيل دور الأحزاب السياسية) و(تفعيل دور البرلمان) ثم قضية (مقاومة سيطرة حزب بعينه) و(مقاومة فكرة غياب المنافسة السياسية )، وفي المرتبة الأخيرة تأتي قضية (حرية التجمع والاحتجاج السلمي والتظاهر)
- ** أكثر الأطر المرجعية المستخدمة في معالجة قضايا المشاركة السياسية في المنشورات – محل التحليل– كانت (التصريحات الحزبية) يليها في المرتبة الثانية (الإطار القانوني) ثم في المرتبة الثالثة (تصريحات حكومية) وفي المرتبة الرابعة يجيء (الخبراء والمتخصصون) وفي المرتبة الخامسة (تصريحات برلمانية) وفي المرتبة السادسة (شهود عيان)، وفي المرتبة السابعة (إطار تاريخي) وفي المرتبة الثامنة (الاستشهاد بالتجارب الأخرى)
- ** تشير النتائج إلى تواجد التعليقات المعارضة من قبل القراء بنسبة كبيرة على الصفحتين. وترتفع نسبة التعليقات المعارضة بشكل كبير على صفحة أنا يقظ مقارنة بصفحة الموقف المصري، ومن الملاحظ أن القائمين على الصفحتين يسمحون بوجود آراء معارضة للمنشورات.
وسوم: الشباب العربي • المشاركة السياسية • تونس • شباب • مصر