ساهم تغيير 17 فبراير2011 بليبيا في إحداث تحولات كبيرة شملت جميع الميادين بما في ذلك الحقل الإعلامي. فمع هامش الحرية الذي تمتع به الشعب الليبي، تحرّر إنشاء أيّة وسيلة إعلامية ليبية من القيود التي كانت مفروضة عليه. وقد جاء الإعلان الدستوري الصادر عن المجلس الانتقالي ضامنا لحقّ الأفراد في حريّة الرأي والتعبير، ممّا يفسّر ارتفاع عدد المؤسسات الإعلامية ذات التوجهات السياسيّة والايديولوجية المختلفة.
من خلال بحث الدكتوراه الذي جاء تحت عنوان ” دور النشرة الإخبارية في التلفزيون الليبي في تزويد المشاهدين بالمعلومات: دراسة تحليلية وميدانية” والذي قدم بـمعهد الصحافة وعلوم الإخبار (تونس)، سعت الباحثة عائشة سالم عبد الجليل إلى دراسة طريقة تناول قناتي “ليبيا الأحرار” و”ليبيا الوطنية” للأخبار على ضوء الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي عرفتها ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافي سنة 2011. وتعتبر نشرات الأخبار عنصرا رئيسيا ببرامج القنوات التلفزية وأحد مجالات التنافس بين المحطات ومقومات شهرتها وتميزها. ومع اختلاف المناطق الجغرافية والأنظمة السياسية والإيديولوجيات والثقافات، تختلف أشكال التغطية الإعلاميّة.
وتمثلت إشكالية هذا البحث في السؤال التالي:هل استطاعت النشرة الإخباريّة في التلفزيون الليبي بعد تغيير النظام السياسي أن تخرج بإطلالة جديدة من ناحية التوجه والشكل والمضمون وأن تحقق للمشاهد ما يحتاجه من معلومات حول الأحداث التي تهمّه ؟
وللإجابة عن هذا السؤال، قامت الباحثة بتوزيع استبيان على 249 طالبا بـكليّة الفنون والإعلام بجامعة طرابلس، موزعون كالآتي: 151 ذكورا و98 إناثايتابعون بنسبة 59% قناة “ليبيا الأحرار” بصفة دائمة فيما يتابع البقية قناة “ليبيا الوطنية”. فيما يتابع 68% من الطلاب النشرة الإخبارية لقناة “ليبيا الوطنية” مقابل 32% نسبة المتابعين لقناة “ليبيا الأحرار”.
وكشفت نتائج هذا الاستبيان أنّ الدوافع الرئيسيّةلتعرّض الطلاب للنشرة الإخبارية لقناة “ليبيا الوطنية” هي كالآتي حسبالترتيب: لامتلاكها مذيعين ومحررين ذوي كفاءة (90%) ولامتلاكها تقنيات عالية الجودة وحديثة (86%) ولأنّها ذات مصداقية عالية (50%). أمّا الدوافع الرئيسية لمتابعة قناة “ليبيا الأحرار”، فهي: لأنّها ذات مصداقية عالية (48%) ولنقلها الأحداث فور وقوعها (34%) ولامتلاكها مذيعين ومحررين ذوي كفاءة (48%).
كما أكدّت الدراسة أنّ أغلب مشاهدي النشرة الإخبارية لقناة “ليبيا الوطنية” من طلاب كليّة الفنون والإعلام بجامعة طرابلس يتابعون أكثر من نشرتين فيما يكتفي مشاهدي النشرة الإخبارية لقناة “ليبيا الأحرار” بمتابعة النشرة مرّة واحدة. ويفضل أغلب الطلاب متابعة النشرة كاملة فيما يكتفي أقليّة بمتابعة العناوين فقط.
أمّا فيما يتعلّق بنوعية الأخبار التي يهتمّ بها الطلاب خلال متابعتهم للنشرات الإخبارية للقناتين، فقد احتلت الأخبار السياسية المرتبة الأولى، تليها الأخبار الأمنية والأخبار العسكرية ثمّ الأخبار الاقتصادية و الصحيّة والثقافية والاجتماعيّة.
وتساهم النشرات الإخباريّة حسب الباحثة في زيادة نسبة اطلاع المشاهدين على الأحداث الجارية وفهم أبعاد القضايا المختلفة والمشاركة في الرأي حول القضايا المطروحة والاطلاع على وجهات النظر المختلفة. وتعتبر هذه النشرات إجمالا المصدر الأول للمعلومات لدى جمهور الطلاب. واعتبر أغلب جمهور العيّنة بنسبة 56% أنّ القضايا التي تتناولها القناتان مهمّة.
وفيما اعتبر 96% من الطلاب أنّ النشرة الإخبارية في التلفزيون الليبي قبل الثورة قد كانت موالية للسلطة، أكدّ 57% من الطلاب أن النشرة الإخبارية بعد تغيير 17 فبراير 2011 صارت تنقل الأحداث الجارية في البلاد وأكدّ 52%من الطلاب أنّها تطرح وجهات نظر مختلفة فيما أكدّ 49% أنّها تهتم بالسبق الصحفي.كما أكدّ 57 % من الطلاب أن النشرة الحالية تواكب أحداث المجتمعمقارنة بما كانت النشرات الإخباريّة سابقا، قبل الثورة، وهو ما يبوّأ القنوات التلفزيّةصدارة مصادر الأخبار.
ومن أجل تطوير النشرة الإخبارية للقناتين، اقترح أفراد العيّنة من الطلاب القيام بدورات تدريبيّة لفائدة الصحفيين ووضع نظام الحوافز الماديّة لتشجيع العاملينوالاهتمام ببحوث المشاهدين الميدانيّة للتعرّف على آرائهم بصفة دوريّة. فيما دعا أقليّة من الطلاب إلى زيادة الوقت المخصّص لنشرات الأخبار والاستعانة بالخبرات الأجنبيّة لتطوير المضمون الإعلاميّ لهذه النشرات.
وسوم: التغطية الإعلامية • النشرة الإخبارية • ليبيا • ليبيا الأحرار • ليبيا الوطنية • نهى بلعيد