ليس من السهل أن ينجو الصحفيون والحقوقيون المدافعون عن قضايا مجتمعاتهم، من خطاب العنف والكراهية الموجه إليهم من خلال وسائل الإعلام. وهو ما أكدّه التقرير الأخير لمرصد الإعلام في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، الذي جاء تحت عنوان “التقریر الأول لرصد خطابات الكراھیة الموجھة ضد المدافعین عن حقوق الانسان ونشطاء المجتمع المدني في وسائل الاعلام” (سبتمبر، أكتوبر،نوفمبر 2018).
ویلخّص ھذا التقریر حجم خطاب الكراھیة الذي يستھدف مناضلي حقوق الانسان واللإعلامیین المستقلیین ونشطاء المجتمع المدني من خلال وسائل الاعلام العمومية والخاصة وكذلك عبر صفحات الميديا الاجتماعيّة في كل من المغرب والجزائر وتونس ومصر وفلسطین، حيث قام المشرفون على هذا التقرير برصد وتوثیق درجة حضور خطاب الكراھیة و الھجمات السیاسیة التي تشنّ على مناضلي حقوق الانسان والاعلامیین المستقلیین بھدف التشھیر بهم، مثلما تمّ تحدید طبیعة ھذه الخطابات وھویّة منتجیھا وناشريها.
ويؤكد هذا التقريرأنّ ثلاث شخصيات ناشطة بالمجتمع المدني ّ وعلى الساحة الإعلاميّة التونسية تمّ استهدافها بخطابات عنيفة من طرف بعض وسائل الإعلام وكذلك بعض السياسيين. هؤلاء الشخصيات هم: بشرى بلحاج حميدة (رئيسة لجنة الحريات الفردية والمساواة بمجلس نواب الشعب) وناجي البغوري (رئيس نقابة الصحفيين) وسهام بن سديرين (صحفيّة وناشطة سياسية).
أمّا بالجزائر، فقد استهدف خطاب الكراهية أربعة صحفيين ومدونين وناشطين بالفايسبوك معروفين بمعارضتهم للسلطة، وهم كالآتي: عبدو سمار(صحفي ومدوّن) وأمين الزاوي (مدير سابق للمكتبة الوطنية الجزائرية) وليلى حدّاد (رئيسة تحرير موقع وقناة سي أن بي نيوز) وأمير بوخريص (مدوّن وناشط حقوقي).
بالمغرب، استهدفت صحف يصفها البعض بأنّها مقربة من النظام، كلاّ من الحقوقية خديجة الرياضي والصحفي المعتقل توفيق بوعشرين والمحامي محمد زيان والحقوقي مصطفى أديب. كما شملت حملة خطاب الكراهية بمصر نشطاء المجتمع المدني على غرار وائل عباس وإسراء عبد الفتّاح ومصطفى النجار وحسام بهجت.
ونذكر على سبيل المثال، ما نشره موقع “صدى البلد” كفيديو للمذيع نشأت الديهي عن شجار حدث بين إسراء عبد الفتّاح وبعض المواطنين امام مقار الانتخابات الذين اتّهموها بالعمالة والخيانة. وقد تبيّن أنّ هذا الفيديو هو فيديو قديم.
أمّا بفلسطين، وإنّ كان خطاب الكراهية متفشيا نظرا للوضع الأمني للدولة فإنّ خطاب التحريض والكراهية في فلسطين استهدف في هذه الفترة شخصيتين، وهما: خليل الشقاقي (مدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية) وفريد الأطرش (مديرا لمكتبة الهيئة المستقلّة لحقوق الإنسان في جنوب الضفة الغربيّة بفلسطين). وقد استعمل الصراع الفلسطيني السياسي كأداة في خطاب الكراهية. وجاء الهجوم الإعلامي من قبل الحكومة ضدّ مدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسيحية بسبب رفضه الخضوع لقرار مجلس الوزراء الذي يفرض الموافقة المسبقة على التمويل للشركات غير الربحية العاملة في فلسطين، لاسيّما وأنّ المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية يعدّ من أهم مراكز الأبحاث في فلسطين.
وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا التقرير يأتي انطلاقا من وعي مرصد الإعلام في الشرق الأوسط وشمال افريقيا بالدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في بلورة الرأي العام وقدرتھا على خلق التّمثّلات الفكریّة داخل مجتمعاتنا، خاصّة خلال فترات الأزمات (السیاسیة أوالاجتماعیّة أوالأمنیّة)، ووعيه أيضا بضرورة مرافقة ھذا الإعلام ومساعدته على تحمل مسؤولياته تجاه المجتمع الذي ینتميإلیه.
للاطلاع على التقرير كاملا: التقریرالأول لرصد خطابات الكراھیة الموجھة ضد المدافعین عن حقوق الانسان ونشطاء المجتمع المدني في وسائل الاعلام.pdf
وسوم: خطاب العنف والكراهية • مرصد الإعلام في الشرق الأوسط وشمال افريقيا • وسائل الإعلام