يقوم الخطاب الإشهاري على بنية تتشابك فيها مجموعة من العلامات اللغوية وغير اللغوية وفق قواعد تركيبية معينة تهدف بالأساس إلى تحقيق 22 علامة للإشهار وهي الاقناع ومن ثمة الوصول إلى فعل الاقتناء. ويعتمد الخطاب الإشهاري على تراكيب وقواعد وآليات معينة لتحقيق ذلك الهدف، وتعبر أهمها آليات ”الحجاج“ الذي يعتمد تلقائيا في أي خطاب إشهاري بهدف الاستمالة والإقناع ضمن العلاقة بين الأنساق الصريحة والضمنية.
تمثلت إشكالية البحث، الذي جاء تحت عنوان ”آليات الحجاج في الخطاب الإشهاري التلفزيوني- دراسة تحليلية سيميولوجية لعينة من الومضات الإشهارية في القنوات الفضائية العربية“ في السؤال التالي: ماهي الآليات الـحجاجية المـجسدة في الخطابات الإشهارية للقنوات الـفضائية العربية؟
وللإجابة عن هذه الإشكالية، تمّ الاعتماد على المنهج الوصفي قصد الوصول إلى نتائج تجيب عن الإشكالية المطروحة في البحث، والمتمحورة حول آليات الحجاج في الخطاب الإشهاري للتلفزيوني.
تهدف هذه الدراسة السيميولوجية في تركيزها على جانبي الحجاج والإشهار إلى محاولة الكشف عن آليات الحجاج المستخدمة في إشهار القنوات الفضائية العربية، والتعرف على أنواع الحجج، وتبيان القيمة الحجاجية من خلال تحليل مقام ولغة الخطاب الإشهاري التلفزيوني للقنوات.
تحاول الدراسة الوصول إلى نتائج قد تكون حافزا ونقطة انطلاق للاهتمام بموضوع بناء الحجة وترتيبها في الخطاب الإشهاري مع مراعاة الاتساق بين الجانب اللساني والجانب الأيقوني للإرسالية الإشهارية.
تم الاعتماد على عينة قصدية/ عمدية Purposive، وهو أسلوب يعتمد عليه حينما يكون الباحث على دراية كافية بمفردات مجتمع بحثه، ويعرفه موريس أنجرس بأنّه ”عملية اقتناء المفردات الممثلة أكثر من غيرها“. وبناء على ذلك فقط تم اختيار أربع ومضات إشهارية كالآتي :
- – الخطاب الإشهاري الخاص بالإشهار عن صابون LUX.
- – الخطاب الإشهاري الخاص بالإشهار عن كندر جوي Kinder Joy.
- – الخطاب الإشهاري الخاص بالإشهار عن سيارة BMW.
- – الخطاب الإشهاري الخاص بالإشهار عن سائل غسول ”ديتول“ Dettol.
وتمّ الاستعانة بمنظور واحد في البحث هو منظور ”التفاعلية الرمزية“ ذلك أن الإعلان عبارة عن نشاط تفاعلي بين مجموعة من العناصر المكونة له، والرمزية كما يشير لها بشير العلاق هي اللجوء إلى تفسير جوهر السلعة أو الخدمة وعناصرها التكميلية الداعمة من خلال اللجوء إلى نظام أو مجموعة من الرموز.
جدير بالذكر أنّ الرمزية في الإعلان في عصرنا الحاضر صارت منهجا تسير عليه كبريات وكالات الإعلان في العالم، بعد ان أثبتت نجاحا منقطع النظير في استقطاب اهتمام المتلقين ودفعهم لاتخاذ قرار الشراء.
وعلى هذا الأساس تبنى الإرساليات الإشهارية التلفزيونية بواسطة رموز تحيل بالتناظر إلى مقومات ثقافية ضاربة في عمق المجتمعات، ليتم تفسير الرسالة من قبل المشاهدين وفق المعاني التي يكتسبها كل فرد.
أهمّ نتائج البحث
*** أنواع الحجج الـموظفة
- – يستخــدم الخطـاب الإشهاري الــتلفزيوني مختلف الـحجج مـحاولة من الــمشهر للإقناع بالفكـرة، السلعـة، الخدمــة، من خلال تقديم حجج تدعم أو تدحض سـلوك مـا.
- – من أهم الحجج المعتمدة في الخطاب الإشهاري، ”سلـطة شـرعية“ على المنتج إما من خلال اعتماد من مرّ بنفس التجربة أو الكفــاءة أو الاسـتشـهاد.
- – طـغت حـجج الـتأطير على الخطابات الإشهارية التلفزيونية، وكان الهدف منها تفعيل نفس المــبدأ، بتفخيم أو تلطيف مظـاهر معـينة، أو تقديم المنتج في قالب يواكب الاحتياجات الحالية ، أي ربط المنتج بغاية ثانية تتجاوز فعل الاستهلاك.
- – تغيـير حجج التأطـير بالمحافـظة على نفس المنتج يعكس طبقة الإقناع والتحريك، وعلى مستوى هـذه الحجة تبنى أسس إقناع الخطاب الإشهاري.
*** المقامات الموظفة
- أنجزت مقامات الخطابات الإشهارية التلفزيونية محل الدراسة في سياق نفسي اجتماعي لا يتعلق أساسا بهوية المجتمع العربي، وهو الأمر الذي أظهر بعض المغالطات الحجاجية.
*** الـقنوات الـمسـتخدمة
- اعتمدت الومضات الإشهارية التي تناولها البحث، نظام ترميزي شفوي يقوم على القول المباشر، دون إهمال بلاغة الصورة.
اللـغة المستخدمة
- – تميز الخطاب الإشهاري التلفزيوني بالتطابق بين ما هو لغوي وما هو أيقوني وهي عملية مقصودة تحقق وظيفة الترسيخ والمناوبة.
- – كما ساعدت اللغة المعتمدة في إنتاج المعنى وتوليد الدلالات الإيديولوجية، واتسمت بقدرتها الحجاجية للمعاني الضمنية، وحتى بالنسبة للعلامات التجارية العالمية، حيث يمكن الاستغناء عن النسق اللساني.
- – اتسمت اللغة المعتمدة بعدم الاهتمام بالنواحي البلاغية والجمالية، وان وجد بعضها فان الغرض منها ترويج المنتوج، وهو الأمر الذي يفسر ارتفاع نسبة الإشهار باللهجة العامية مقارنة باللغة العربية الفصحى.
- – اعتماد النسق الصوتي بشكل جيد الأمر الذي ساعد في تحقيق فعل المحاججة.
وسوم: آليات الحجاج • إشهار • لخطاب الإشهاري التلفزيوني