حقوق الصورة @حقائق_أونلاين
أبرمت يوم 9 جانفي 2019 الاتفاقية الإطارية المشتركة للصحفيين التونسيين بين النقابة الوطنية للصحفيين ورئاسة الحكومة وأمضت عليها مجموعة من الأطراف من بينها الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري ووزارة الشؤون الاجتماعية والجامعة التونسية لمديري الصحف وكل من مؤسستي الاذاعة والتلفزة ووكالة تونس إفريقيا للأنباء.
جاء توقيع الاتفاقية الإطارية المشتركة للصحفيّين على اثر تهديد نقابة الصحفيين بتنفيذ إضراب عام كان مقررا ليوم 14 جانفي نتيجة غضب قطاعي إثر انتحار المصور الصحفي عبد الرزاق الزرقي حرقا في ديسمبر 2018 احتجاجا على هشاشة الأوضاع المهنية للصحفيين.
اعتبر نقيب الصحفيين ناجي البغوري في تصريح لـوسائل الإعلام إن توقيع اتفاقية مشتركة هي الأولى من نوعها مع رئاسة الحكومة،انجاز تاريخي سيكفل للصحفي الكرامة والإطار القانوني باعتباره طليعة النخب التي تضطلع بدور اجتماعي وثقافي وفكري هام في البلاد”.
وأضاف أنّ الاتفاقية المشتركة، “أنهت قانونيا، هشاشة القطاع الصحفي من الناحية المادية”عبر تحديد سقف الأجر الأدنى في حدود 1400دينارا،إلى جانب حماية حقوق التأليف وتأكيد بند الضمير في مستوى الخطّ التحريري للمؤسسات الإعلامية، بما يضمن الحرية للصحفيين.”
من جهته أثنى الاتحاد الدولي للصحفيين على هذه الاتفاقية على لسان أمينه العام أنطوني بيلانجي الذي صرح أن الصحافة حول العالم تعاني من انحدار المعايير في قطاع الاعلام وتدهور ظروف تشغيل الصحفيين وتظهر هذه الاتفاقية التاريخية التي تم توقيعها في تونس أن الالتزام بحقوق الصحفيين الاجتماعية والنقابية متجذر الآن في قطاع الإعلام التونسي ، وليس بوسعنا أن نتمنى أخبارا طيبة لبداية السنة أفضل من هذه الأخبار.”
الأثر القانوني للاتفاقية
الاتفاقية المشتركة للشغل هي حسب الفصل 31 من مجلة الشغل” اتفاق متعلق بشروط العمل مبرم بين المؤجرين المنظمين لكتلة أو القائمين شخصيا من جهة أو بين مؤسسة أو عدة مؤسسات نقابية للعمال من جهة أخرى.”
ويجب أن تحتوي الاتفاقيات الإطارية حسب مجلة الشغل الأحكام التالية على الأقل:
-الحرية النقابية وحرية الرأي.
-الأجور وشروط انتداب العمال واعفائهم وأجل الإعلام بالخروج.
لذلك فإن جل فصول الاتفاقية الإطارية المشتركة التي تم التوقيع عليها مؤخرا جاءت مكررة لفصول وردت في مجلة الشغل.
فبالنسبة للراحة الأسبوعية التي تقدر مدتها حسب الاتفاقية من يوم إلى يومين حسب توزيع ساعات العمل فقد أقرت مجلة الشغل هذا الحق عن طريق إلزامية منح راحة أسبوعية للعامل تقدر ب 24 ساعة متوالية ماعدا الحالات الاستثنائية.
أما بالنسبة لعطل الأعياد حسب الفصل 107 من مجلة الشغل فتضبط بأمر أو بالاتفاقيات المشتركة لذلك فان للاتفاقية المشتركة للصحفيين أقرت عطل الأعياد وفقا للقوانين الجاري بها العمل فيما يتمتع الصحفي بزيادة تقدر بنسبة 100 % من مرتبه الأساسي في حال ضرورة العمل خلال هذه العطلة.
وينسحب هذا التطابق على تقدير الأجور حيث اوردت مجلة الشغل بفصلها 134 أن أجر العملة على اختلافهم يكون إما باتفاق مباشر بين الأطراف وإما عن طريق اتفاقية مشتركة وذلك مع احترام الأجر الأدنى. فورد في الفصل 11 من الاتفاقية الاطارية المشتركة للصحفيين أن الصحفي يتقاضى أجرا أساسيا يحدد وفق الصنف المهني الذي ينتمي إليه وتم ضبط الأجر الأدنى في المؤسسات الاعلامية ب 1400 دينار خام.
ولعل ما يحسب حقا للاتفاقية المبرمة بين النقابة ورئاسة الحكومة هو إقرار انتفاع المرأة الصحفية الحامل بإجازة لا تقل مدتها عن 14 أسبوعا في صورة الإدلاء بشهادة طبية في الغرض. كذلك منح الصحفيين مدة من التكوين والرسكلة لا تقل عن 12 يوما في السنة خالصة الأجر طبق برنامج سنوي تتفق عليه كل من المؤسسة الإعلامية ونقابة الصحفيين.
كما ألزمت الاتفاقية احترام أخلاقيات المهنة الصحفية على الأطراف الممضية اللذين من بينهم الجامعة التونسية لمديري الصحف. وعلى خلاف ذلك يتبين أن جل فصول الاتفاقية على غرار اختيارية التقاعد والاستقالة ورخص المرض ونظام التأمين وحفظ الصحة والسلامة المهنية وغيرها هي مجرّد إقرار لما ورد في مجلة الشغل.
وأقرت الاتفاقية مبدأ عدم التمييز على أساس الجنس أو اللون أو الرأي السياسي أو الانتماء النقابي أو الإعاقة أو الحالة العائلية أو غير ذلك وضمان حرية الرأي والتعبير توافقا مع مبادئ الدستور واستجابة لعلويته على القوانين والأوامر التطبيقية بأنواعها.
التطبيقات الإجرائية للاتفاقية
تدخل هذه الاتفاقية حيز التنفيذ إبان صدورها في الرائد الرسمي كما تكون المؤسسات الخاضعة لتطبيق الاتفاقية المشتركة ملزمة حسب مجلة الشغل بتعليقها بالأماكن التي ينجز فيها العمل وقد بقي كلا الأمرين في انتظار التطبيق.
من ناحية أخرى فإن الاتفاقية لا تلزم إلا الممضين عليها لذلك فإن القنوات الإذاعية والتلفزية الخاصة غير ملزمة بها رغم تسجيل حضور رمزي للهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري حيث أنها غير معنية بالاتفاقيات الشغلية حسب ما ورد في المرسوم 116المحدث لها.
من جهتهم عبر عديد الصحفيين خاصة خريجي معهد الصحافة وعلوم الإخبارعن استيائهم الشديد من نظام الانتداب الوارد بالاتفاقية واعتبروا أن الاكتفاء بنسبة 50 بالمائة من حاملي شهادة الاجازة في الصحافة أو الاتصال من العدد الجملي لأعضاء هيئة التحرير هو اجحاف في حقهم فهم من ناحية يعانون قلة فرص العمل ومن ناحية أخرى يضيقون بمزاحمات “الدخلاء” الذين يجمعون عادة بين عمل أو أكثر في القطاع أو خارجه.
وأكد الصحفيون أن الأجر الأدنى الخام لا يرتقي لمستوى تطلعاتهم ولمطالب الاضراب التي تعلقت أساسا بالتشغيل الهش والأجور المتدنية ولما وعدت به النقابة كخطوة تصعيدية واقتناص فرصة تاريخية لتغيير مسار قطاع الصحافة ، و أن المشاكل عديدة تراكمت وتفاقمت وتنوعت بين هشاشة التشغيل وإغراق القطاع بالدخلاء وضعف الأجور ناهيك عن الطرد التعسفي إلى غيرها من الأزمات التي ظلت تنخر القطاع.
ولعل اللافت للانتباه أنّه لم يتم نشر الاتفاقية ولا صورا عن إمضائها على الموقع الرسمي لرئاسة الحكومة أو على صفحتها الرسمية على الفايسبوك.
تبقى الاتفاقية خطوة للأمام في حال تطبيقها وفي حال الاخلال بنودها فإن مجلة الشغل في فصلها 36 تمكن الأشخاص من طلب غرم الضرر ضد الأشخاص أوالكتلات المرتبطة بالاتفاقية المخالفين لها.
وسوم: اتفاقية • النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين • تونس • رئاسة الحكومة