رغم الصعوبات التي مرّت بها الساحة الإعلاميّة بمصر وبتونس وبالجزائر وبسوريا منذ إندلاع ”الربيع العربي“، حاولت العديد من وسائل الإعلام المستقلّة أن تمارس عملها الصحفي بكامل الحرفيّة والمهنيّة. هذا ما تطرقت إليه الصحفية صوفي شابيل في مقال لها بجريدة Basta Mag الالكترونية الفرنسيّة تحت عنوان ”في العالم العربي تحاول وسائل الإعلام الحرّة أن تنظّم نفسها رغم سياسية الرقابة والتهديد والدعاية“ من خلال إجراء مجموعة من المقابلات مع بعض الصحفيين المهنيين ببلدان ”الربيع العربي“.
وتتشارك الوسائل الإعلاميّة المستقلة بهذه البلدان في تطلعاتها من أجل الارتقاء بالأداء الإعلاميّ، تجاوزا لسياسة التضليل والدعاية الزائفة وضمانا لاستقلاليتها رغم مواردها المحدودة. ورغم الأنظمة القمعيّة والتهديدات الإرهابيّة أوالحروب الأهليّة التّي تعاني منها بلدانهم، تسعى هذه الوسائل الإعلاميّة إلى القيام بتحقيقات صحفيّة والتطرق إلى القضايا الجوهرية.
وفي حوار مع لينا عطا الله، مديرة الموقع الإلكتروني ”مدى مصر“ ، الذي نشأ إثر الانقلاب العسكري سنة 2013 ضد حكم الإسلاميين، أكّدت هذه الصحفية أنّ الفريق الصحفي وجد نفسه مطالبا بأن يؤسس لمشروعه الخاصّ حتى يواصل العمل في كنف الحرية وبكل استقلاليّة وتغطية أهمّ الأحداث بمختلف المجالات، علما بأنّ القاسم المشترك بين صحفيي هذا الموقع هو أنّ جميعهم طردوا من مجلة ”المستقلة“. وتعتبر لينا عطا الله أنّ أهمّ شيء خلال هذه الفترة هو التوثيق لها، في وطن مازال يشكو من محاولة حدّ السلطة لحريّة التعبير.
وتشاركها الرأي الصحفية التونسية سناء السبوعي، من مؤسسي الموقع الإلكتروني ”إنكفادا“، مضيفة أنّ عملهم الاستقصائي يستغرق زمنا طويلا حتّى يقدموا مادّة إعلاميّة ذات جودة، في محاولة لتجاوز الفوضى التّي ساهمت في نشأتها مواقع التواصل الإجتماعيّ رغم الدور الذي لعبته خلال الثورة. ورغم ذلك يجد صحفيي إنكفادا صعوبة في إقناع من حولهم بأنّهم يعملون دون الإنتماء إلى أيّ أجندة سياسيّة لاسيّما بعد انتقائهم لتسلّم وثائق ”أوراق بناما“.
وفي حوار مع لينا عجيلات رئيسة تحرير الموقع الإلكتروني الأردني ”الحبر“، ذكرت أنّ لا أحد يهتمّ بالأردن بقضايا الصحفيين الذين يتمّ محاكمتهم بالمحاكم العسكرية، لاسيّما وأنّه من الصعب دفع الشعب الأردني إلى الإهتمام بشؤون التحول السياسي والديمقراطي. ثمّ إنّ حرية التعبير والحريّة السياسية والحريّة المدنية لا تشكل أولوية بالأردن.
بخصوص الوضع بلبنان، اعتبرت د. نهلة الشهال، أستاذة علم الاجتماع السياسيّ ومديرة صحيفة ”السفير العربيّ“ أنّ الدولة في لبنان لا تمثل تهديدا مباشرا لحريّة الصحافة بما يسمح بهامش من الحريّة في الكتابة. وكلّما حاولت السلطة التدّخل لفرض رقابة على المضامين الإعلاميّة المتعلّقة بمجالات حساسة على غرار المواضيع الأخلاقيّة والدينيّة، إلاّ وفشلت أمام تصدّي المجتمع المدنيّ.
وتعدّ سوريا من بين البلدان الأكثر خطورة على الصحفيين. ورغم ذلك يسعى فريق الموقع السوري”الجمهورية“ إلى مدّ الجمهور بآخر أخبار الحرب بسوريا، وفق شهادة مديرها كارم نشار مدرّس العلوم السياسيّة بتركيا، أين أنشأ هذا الموقع في شهر مارس 2012، رفقة مجموعة من المثقفين السوريين في المنفى. لكن لا تذكر أسماء الصحفيين المراسلين حتّى لا تعرّض حياتهم للخطر.
ولا يقلّ العمل الصحفي بمصر عن نظيره بسوريا وفق ما أكدته الصحفية المصرية لينا عطا الله، إذ صنفت مصر سنة 2015، في المرتبة الثانية من حيث عدد الصحفيين المسجونين.
هذه مجموعة من الشهادات الحيّة التي وثقتها صوفي شابيل في مقالها عن وضع الصحفيين ببلدان الثورات العربيّة الذين مازالوا يتطلعون إلى ديمقراطيات حقيقة على حدّ تعبيرهم.
حقوق الصورة: موقع المدن
وسوم: إنكفادا • الأردن • الثورات العربية • الجمهورية • الحبر • الربيع العربي • السفير العربي • تونس • حرية الصحافة • ديمقراطية • سوريا • صحافة • مدى مصر • مصر • مواقع التواصل الإجتماعي