مجلسان للصحافة بتونس والمغرب

23 May، 2016 • آخر المقالاتأبرز المواضيعالأخلاقيات والجودةالإعلام والسياسةالرقابةحرية الصحافة • المحرر(ة)

?????? ??? ???? ??????? ???? ?????????? ???????? ????????

 

تحاول بلدان المغرب العربي التي لا تزال تحت تأثير ”الربيع العربي“، إصلاح قطاع الإعلام والإرتقاء به إلى مستوى المعايير الدوليّة المعمول بها في المجتمعات الديمقراطية.

وبدول كتونس وكالمغرب اللتان لهما تقاليد عريقة في مجال الرقابة الرسميّة لوسائل الإعلام، يعدّ التنظيم الذاتي  للإعلام هوالأفق الأكثر جاذبيّة.

ويستند المشروعان المتعلقان بإحداث مجلس للصحافة الذان تتمّ مناقشتهما حاليا بكلا البلدين إلى نفس الاحتياجات، غير أنّهما يتنزلان في سياقين سياسين مختلفين.

فقد فتحت ثورة جانفي/ يناير 2011 بتونس الطريق لجمهورية ديمقراطية، تمّ تكريسها بدستور جانفي/ يناير 2014. في المقابل، في  المغرب، ظل النظام الملكي صامدا على عكس ما حصل بتونس أوبمصر أوبليبيا، لكنّه اضطر إلى تقديم تنازلات وإلى المبادرة بإصلاحات من أجل المحافظة على سيطرته على المجتمع. وتباين هذان السياقان يفسران الاختلاف بين مشروعي مجلس الصحافة بكل من تونس والمغرب.

ويعدّ مجلس الصحافة المقترح في تونس إفرازا لإجتهادات المنظمات المهنية والمجتمع المدني.أمّا بالمغرب، فإنّ  وزارة الاتصال هي المشرفة على المشروع. وهوما يفسّر انتقاده من قبل المنظمات المستقلة على غرار مركز حرية الإعلام (CMF).

المجلس التونسي غير الحكومي

انطلقت فكرة إحداث مجلس الصحافة بتونس في عام 2012 بدعم من المنظمة الدوليّة البريطانية “المادة 19”. وبعد استعراض الخيارات المتوفرة، تقرر أنّ هذا المجلس لا ينبغي أن يكون هيئة عموميّة يتمّ إحداثها بموجب قانون، إذ كان هناك تخوّف عميق من قبل الإعلاميين ومنظمات حقوق الإنسان من الرجوع إلى شكل جديد من الإشراف الحكومي وإلى سيطرة الدولة  من جديد على الصحافة.

ومن ناحية أخرى، يجب أن يكون المجلس المنشود قادرا على تحمّل مسؤولية التنظيم الذاتي وضع أسس مراقبة أخلاقيات المضامين الإعلاميّة بما فيها البرامج الإذاعيّة والتلفزيّة.

وتبعا لذلك، يتمثّل التحدّي في الإهتداء إلى هيئة تكون لها أكثر سلطة من مجرد جمعيّة عاديّة، دون أن تكون هيئة عموميّة.

واستوحى القائمون بالمبادرة هذه الفكرة من نموذج مجلس الصحافة البلجيكي، فحسب هذا النموذج الناجح، قامت المنظمات المهنية للصحفيين والناشرين بتأسيس جمعية، وهذه الجمعية أسست بدورها مجلس الصحافة القائم حاليّا. ثم اعترفت الحكومة بهذا المجلس بوصفه الهيئة الوحيدة المسؤولة عن رصد مدى إحترام وسائل الإعلام لأخلاقيات المهنة، بما فيها القنوات السمعيّة والبصريّة الخاضعة لسلطة تعديلية مستقلة (المجلس الأعلى للسمعي البصري).

ومن ميزات هذه الصيغة ضمان التمويل العموميّ للمجلس دون تهديد استقلاليته، إذ أنّ هذا التمويل العمومي لا ينبغي أن يتجاوز 50٪  من ميزانيّة المجلس وعلى المنظمات المهنية توفير النصف الآخر من الميزانية. وإذا لزم الأمر، يمكن لمجلس الصحافة أيضا الحصول على دعم من المنظمات الدوليّة.

وفي تونس، انطلقت النقابة الوطنيّة للصحفيين التونسيين والجامعة التونسية لمديري الصحف في عملية تأسيس الجمعية التي ستتولى بدورها تكوين المجلس. وسيتألف المجلس من ممثلين عن ثلاثة أطراف: الصحفيون والناشرون والجمهور.

وتتمثل المرحلة المقبلة لهذا المشروع في اعتماد قانون الصحافة الجديد من قبل مجلس نواب الشعب، بإعتبار أنّ إحداث مجلس الصحافة سيكون منصوصا عليه بإحدى مواد هذا القانون.

المغرب: المشروع بين أيدي الحكومة

قررت وزارة الاتصال بالمغرب أن تتبنّى مشروع “المجلس الوطني للصحافة” بالإشتراك مع نقابة الصحفيين  والنقابة الوطنية للصحافة المغربية.

وتمت الموافقة على مشروع  قانون المجلس الوطني للصحافة من قبل مجلس الوزراء خلال شهر جويلية/ يوليوسنة 2015، ثمّ عرض المشروع على البرلمان يوم 04 نوفمبر 2015.

ويحدد مشروع القانون سلسلة من المهام، نذكر أهمّها:

  1. ممارسة دور الوسيط والتحكيم عند الخلافات بين المهنيين
  2. منح بطاقة الصحفي
  3. النظر في الحالات التأديبية المتعلقة بالتقصير المهني بما ينافي أخلاقيات المهنة أوالنظام الداخلي
  4. الإدلاء بالرأي فيما يتعلّق بمشاريع القوانين والمراسيم التي تقدمها الحكومة
  5. اقتراح التدابير المناسبة لتطوير قطاع الإعلام.

وفقا لهذا المشروع، يتألف المجلس الوطني للصحافة من ممثلين عن ثلاثة أطراف: الصحفيون والناشرون والجمهور.

وقد انتقدت منظمات حقوق الإنسان الحكومة المغربيّة لعدم توسيع الإستشارة لممثلي المجتمع المدنيّ، باعتبار أنّ مجلس الصحافة  يهمّ المجتمع بأكمله.

ويمكن للمرء أن يلاحظ أيضا أنّ هذا المجلس المنشود سيفتكّ بعض صلاحيات وزارة الاتصال، على غرار إسناد بطاقة  الصحفي. ومن دواعي الغرابة في هذا المشروع أنّه لا يشير إلى أنّ المجلس هوالذي سيتولى صياغة الميثاق الأخلاقي الذي سيكون مرجعا لعمله.

مشروعان مختلفان لمجلسي الصحافة بكل من تونس والمغرب، في ظلّ نفس الصعوبة لتفعيل التنظيم الذاتي للإعلام في بلدان المغرب العربيّ.

حقوق الصورة:

Flicker،Chayue-Pan

نشر هذا المقال في نسخته الأولى على موقع المرصد الأوروبي للصحافة في نسخته الانقليزية.

وسوم:

Send this to a friend